الاثنين، أكتوبر 8

ََ هـــــــــــــشيم َََ


وجدت نفسها ممددة على أريكة مريحة في عيادة نفسية ..

يقابلها رجل ذو ملامح مسترخية ونظارات عريضة بيده نوت صغيره وقلم أسود ..

كأنه يوصل لها رسالة بأن ما سيكتب هنا لن يكون بوسعها محوه !

أدركت هذه النقطة بكل حواسها وأوشكت أن تغادر المكان لولا أنها تذكرت الوعد الذي قطعته لأبيها بأن تمنح فكرته الفرصة كي يتمكن من مساعدتها ولو باقليل ..

 

أيقظها صوت الطبيب من غفوتها بصوت هادئ : كيف حالك ياسارة ؟

أخذت نفسا عميقا وابتسمت ثم زفرت مع أنفاسها ردا مقتضبا : كما ترى يادكتور .. أراجع عيادة نفسية !

 

أعرف هذا يا ابنتي .. أسألك عن حالك قبل ان تصلي إلى هنا ..

فليست أسبابنا واحدة تلك التي تدفعنا للعيادات النفسية !

قالت له وهي منكمشة على كلماتها وكأنها تخشى أن تخونها وتفصح أكثر ممايجب :

السبب هو والدي حيث طلب مني خوض هذه التجربة قبل أن أقرر الإنعزال عن العالم .

ولماذا قررتي الانعزال عن العالم ؟ هل يمكنني معرفة الأسباب ؟

شعرت أنها صنعت لنفسها فخا ووقعت فيه ...

أغمضت عينيها بقوة وقالت : سأخبرك بكل مالدي بشرط أنني بمجرد انتهائي سأخرج من هنا ولا تحاول إيقافي ، هل اتفقنا ؟

أجابها الطبيب : نعم اتفقنا !

 

تركت لقلبها وعقلها ولسانها كامل الحرية وأطلقت الطائر الحبيس

: (( خلت أنني فتاة عادية تعطي كما يعطي الاخرون وتأخذ وتبكي وتضحك وتعبر وتخاف تنهار،

 تجد نفسها قوية بدون سبب وتضعف لأكثر من سبب ..

حاولت الاندماج مع العالم من حولي على هذا الأساس ولم استطع .

بالبداية اعتقدت أن الأمر طبيعي فنحن البشر لا نستسيغ كل شيء لكنني مع كثرة العقبات وتتالي الصدمات وعلامات الاستفهام التي تظهر لي في كل موقف ومع كل كلمة بدأت أشعر بأن امرا ما غير طبيعي يحدث معي ..

تأملت الآخرون كثيرا قلت .. ربما أنني مثلهم وانهم مثلي وأنني فقط أعاني من أزمة ثقة ليس إلا !!

ووجدت الأمر غير ذلك كان الآخرون يعبرون ببساطة فوق جسور شائكة وعبر اأفاق مظلمة أما أنا فلا ...

لم يكن خوفا  بل وقفات أتأمل فيها كل شيء وأتساءل عن كل شيء ..

حين كان البعض يقبل الغريب ويرفض المعتاد .. كنت أريد ان أصرخ بــ لا واصرخ بها فيستغرب من حولي وكأنني أفعل جرما ثم يولون عني ..

كنت أشعر بالضياع مع عدم القدرة على التخلص من أحاسيس كثيرة وذكريات مؤلمة كنت مشبعة حتى النخاع بطاقة سلبية هائلة تمنعني من الحركة بالاتجاه الصحيح .. حتى عندما كنت أطلب المساعدة لم يكن بمقدوري الاجابة على السؤال البديهي : : بماذا نساعدك ؟:: !

أيها الطبيب كل الأبواب التي ركضت اليها بقوة وأمل وجدتها مغلقة داخل وخارج نفسي

وعاطفتي القوية لم تكن إلا عدوا لي وعثرة كبيرة تقف في طريق وصولي لحقائق ما ...

نعم لا أنكر أنني محظوظة بكل من ظهروا في طريقي لكن الحظ معهم كان يعني أن لا أتمكن من شرح ما أحتاجه منهم  لهم ..وبالتالي تركي حيث أنا بدون أدنى مبالاة .

هكذا وجدت نفسي أقرر وبعد جفاف النهر بداخلي واصفرار أوراق الحياة وتصحر الأرض وتغيير ليس بالبسيط وضعني في مواجهة مع نفسي .. قررت أن أختفي في مكان ما بعيد عن كل هذا العالم لأنني أدركت بقوة أن (هشاشة الروح )أول خطوة في طريق الموت على قيد الحياة )).

فتحت عينيها لم تنظر لأي شيء حولها لم ترى أي شيء من الأساس سوى الباب ومقبضه أغلقته خلفها ومضت غير آبهة بما كتبه ذاك الطبيب وما سمعته زوايا العيادة وما سوف تكون عليه بعد دقيقة من خروجها ولم تجد نفسها بعد تلك الحادثة أبدا .


نبض

إدراكنا للضعف هو القوة ..

كما أن إصرارنا على الخطأ هو الهلاك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق